Thursday 19 January 2017

ناقة مولاي إبراهيم

ناقة مولاي إبراهيم - بين التاريخ الحقيق و افتراءات الجهال و ممارسات الضلال
بحت و تحقيق الأنثروبولوجي : جلام أبوبكر

عرفت الأيام القليلة الماضية لغطا من نوع خاص، حيث انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق لذبح ناقة بطريقة وحشية أمام تهافت الزوار على قطع من لحمها. حيث برز المحللون المتمنطقون و هم يرددون أن الناقة تأكل و هي نيئة. و إنما الأصل أن نعود سنين للوراء لنعلم تاريخ هته الناقة.

نبذة عن الولي الصالح مولاي إبراهيم: 
اسمه مولاي إبراهيم بن مولاي أحمد بن عبد الله بن الحسين الأمغاري من قبائل صنهاجة المغربية أحد أعيان الصوفية، درس في زاوية تمصلوحت بمراكش على يد جده عبد الله بن الحسين، و تحكي الروايات أن الولي مولاي إبراهيم و بعد أن أكمل العلم في الزاوية، قرر السعي في نصح الناس و دعوتهم إلى الطريقة. و بحكم الطبيعة الصحراوية كان للولي الصالح ناقة ترافقه في حله و ترحاله، تحمل زاده و ترافقه في طريقه حيث قام بجولة في كل أنحاء المغرب آنذاك. ثم استوطن بعدها في جبل كيك و أسس زاويته بعيدا عن زاوية تمصلوحت التي كانت في سهل الحوز. كان الولي معروفا بالصلاح عند الناس و كانت الجموع تذهب إلى زاويته للتبرك بها في جبل بقرية مولاي إبراهيم فداع صيته عند الناس. يلقب الولي الصالح أحيانا بالعامية المغربية "بطير الجبال" أي طائر الجبال حيث زاويته و مسكنه جاء بالجبل و المسالك الوعرة و صعوبة الوصول إلى الوجهة. 

قصة ناقة مولاي إبراهيم:
كما سلفنا في الذكر، أن الولي كانت له ناقة ترافقه في حله و ترحاله، و كان الولي الصالح معروفا بورعه و تقواه عند الناس. لما توفي الولي مولاي إبراهيم دفن في القرية التي استوطنها، و عند جنازته تم نحر الناقة و أطعمت للفقراء و الزوار في يوم العزاء. فقام أهل القرية بسن عادة بأن يشتروا كل سنة ناقة يتم الطواف بها في كل أنحاء المغرب تماما كما فعل الولي الصالح خلال جولته. 
في الجولة يقوم أبناء القرية بالرقص و الموسيقى على أنغام المزمار و الدف و الناقة ترافقهم أينما حلوا و ارتحلوا، يتم جمع أموال الصدقات في الجولة التي قاموا بها مع الناقة حتى إذا جمعوا ثمن الناقة عادوا أدراجهم إلى البلدة فتظل الناقة في القرية إلى حين موعد نحرها في ذكرى وفاة الولي الصالح. 

تفسير للممارسات الشركية خلال نحر الناقة: 
مع التراكمات النفسية و الأمية المطبقة في المنطقة تقزم دور الزوايا في نشر العلم بين الناس و صار لأبناء القرية و القائمون على الضريح فرصة لحشد الناس في كل موسم للتنفيس عن همومهم و عن الفشل و التهميش الذي طالهم. فصار ضريح مولاي إبراهيم محجا للمصابين بداء الصرع طلبا للشفاء و تبركا بالمقام حيث يجتمع الآلاف من الزوار في القرية وسط أنشطة تجارية. 
في اليوم السابع من الموسم يتم نحر الناقة أمام ضريح الولي مولاي إبراهيم، و يبدوا جليا أن الذين يقومون بعملية النحر يتميزون بلباس خاص، فهناك من يلبس اللون الأحمر و هؤلاء هم خدام كبير الجن "الباشا حمو" و هناك من يضعون عصابات خضراء على رؤوسهم، أولئك هم سدنة و خدام الجنية المسماة "أميرة" و هناك من يرتدي اللون الأسود يسمون بسدنة الجني "ميمون". خلال مراسيم النحر يجتمع هؤلاء الخدام على الناقة و كل واحد من المصابين بداء الصرع يحاول الظفر بقطعة لحم من تلك الناقة التي يقصد بها التقرب إلى الولي و طلب الشفاء و جلب الحظ. 
و لتصحيح الخطأ فالهمج الذين تسابقوا على قطع العنق و الظفر به في مقطع الفيديو كان الهدف منه تقسيم عنق الناقة و التمرغ في دماءها طبقا لما تتنزل به الجن على المصابين بالصرع. وبعدها يقسم كل واحد قطعة يطبخها كونها ناقة مولاي إبراهيم فلها مكانتها الخاصة عندهم، أما جسد الناقة فيجزأ و يطبخ لإطعام الحاضرين و الزوار ممن يترجون الشفاء و الحظ. كما ينبغي للقارئ أن يعلم أن وعرة التضاريس و الجبال حالت دون تنمية هذه المنطقة، و أن لحم الناقة في يوم النحر يكون حديث الساعة بالقرية.
فكما نرى في التحليل، تعد الممارسات الشركية بعيدة كل البعد عن أصل العادة و التي كان الهدف من سنها لدى قبيلة "سكتانه" إطعام الزوار و إكرام وفادتهم و الحفاظ على عادة الولي الصالح و ناقته، كون المنطقة تقع وسط تضاريس وعرة، فحادت هته الممارسات عن أصلها و أصبحت ناقة مولاي إبراهيم ضحية لتنفيذ تعاليم الجن و الحصول على دماءها بغرض السحر و الشعوذة.
المعلومات حصلت عليها خلال زيارة أنثروبولوجية للمنطقة. 
كما اعتمدت على معلومات في موقع جماعة مولاي إبراهيم الرسمي و منها كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى لكاتبه الناصري. 

Геллее Абвакар Салахов 
Писатель, Переводчик и Антрополог 
Российская Федерация 
Авторские право защищено 2017